اننى لا أظن أن تاريخ الحياة الانسانية قد شهد يوما واحدا كان الانسان فيه مفكرا
وناطقا باللغة التى تحمل فكره قبل أن يكون صانعا بيده فهو مفكر صانع او صانع
مفكر فى اللحظة نفسها ولو كان لأحد الشقين أولوية نظرية على الاخر فالاولوية للانسان
الصانع على الانسان المفكر لأنه بصناعته يوفر لنفسه ضرورات الحياة الحيوانية التى سبقت كونه
انسانا.
وقد اشتد الالتحام فى عصرنا هذا بين جانبى الفكر والعمل وظهر مايسمى بالوحدة
الاندماجية بينهما ولكن هذه الوحدة تصاحبها عوامل ليست من طبيعة العقل النظرى
وليست من من طبيعة الايدى العاملة ايضا بل هى عوامل تنبثق من ينبوع اخر
هو نفسه ينبوع العقائد على اختلاف ضروبها.
ومن اهم تلك العوامل المصاحبة مجموعة القيم التى نسير على هداها والاهداف التى نوجه السير نحوها
فاذا كان الفكر والايدى وحدهما كافيين لانجاز عمل معين فانه يبقى ان تعلم
لماذا هذا العمل المعين دون سواه ؟ والى هدف هو ؟
ومثل هذه الاسئلة لاتجد الجواب الا فى تلك العوامل المصاحبة التى اشرنا اليها
فهى وحدها التى تجعل للحياة معنى وذلك لان العقل و العمل كليهما توجههما
قيم انسانية من اجل اهداف حضارية .
ان هذا الينبوع الاخر الذي تنبثق منه العوامل المصاحبة لدنيا العمل هو شرط
اساسي لكي يسود السأم ويسود القلق فى نفوس العاملين لان الحياة العاملة عندئذ
تفقد معناها لفقدانها مايبررها ذلك هو الايمان بالقيم و الاهداف التي تفرزها الفترة المعينة فى
الحضارة المعينة.
د/زكى نجيب محمود